کد مطلب:90758 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:139

کتاب له علیه السلام (28)-لشُریح بن الحارث لمّا اشتری علی عهد















رُوی أن شریح بن الحارث قاضی أمیر المؤمنین علیه السلام اشتری علی عهده داراً بثمانین دیناراً،

فبلغه ذلك، فاستدعی شُریحاً و قال له:

بَلَغَنی أَنَّكَ ابْتَعْتَ دَاراً بِثَمَانینَ دینَاراً، وَ كَتَبْتَ لَهَا كِتَاباً، وَ أَشْهَدْتَ فیهِ شُهُوداً ؟.

فقال له شریح: قد كان ذلك یا أمیر المؤمنین.

فنظر علیه السلام إلیه نظر المغضَب ثم قال:

یَا شُرَیْحُ، اتَّقِ اللَّهَ[1].

أَمَا إِنَّهُ سَیَأْتیكَ مَنْ لاَ یَنْظُرُ فی كِتَابِكَ، وَ لاَ یَسْأَلُكَ عَنْ بَیِّنَتِكَ، حَتَّی یُخْرِجَكَ مِنْهَا[2] شَاخِصاً،

وَ یُسْلِمَكَ إِلی قَبْرِكَ خَالِصاً.

فَانْظُرْ، یَا شُرَیْحُ، أَنْ[3] لاَ تَكُونَ ابْتَعْتَ هذِهِ الدَّارَ مِنْ غَیْرِ مَالِكَ[4]، أَوْ نَقَدْتَ الثَّمَنَ مِنْ

[صفحه 805]

غَیْرِ حَلاَلِكَ[5]، فَإِذاً أَنْتَ قَدْ خَسِرْتَ دَارَ الدُّنْیَا وَ دَارَ الآخِرَةِ جَمیعاً[6].

أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَتَیْتَنی عِنْدَ شَرَائِكَ مَا اشْتَرَیْتَ لَكَتَبْتُ لَكَ كِتَاباً عَلی هذِهِ النُّسْخَةِ، فَلَمْ تَرْغَبْ فی شِرَاءِ هذِهِ الدَّارِ بِالدِّرْهَمِ فَمَا فَوْقَهُ[7].

قال شُریح: و ما كنت تكتب یا أمیر المؤمنین ؟.

قال علیه السلام:

كُنْتُ أَكْتُبُ لَكَ هذَا الْكِتَابَ[8]:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ هذَا مَا اشْتَری عَبْدٌ ذَلیلٌ، مِنْ مَیِّتٍ قَدْ أُزْعِجَ لِلرَّحیلِ، اشْتَری مِنْهُ دَاراً مِنْ[9] دَارِ الْغُرُورِ،

مِنْ جَانِبِ الْفَانینَ، وَ خِطَّةِ الْهَالِكینَ.

وَ تَجْمَعُ هذِهِ الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ:

اَلْحَدُّ الأَوَّلُ مِنْهَا[10] یَنْتَهی إِلی دَوَاعِی الآفَاتِ.

وَ الْحَدُّ الثَّانی مِنْهَا[11] یَنْتَهی إِلی دَوَاعِی الْمُصیبَاتِ.

وَ الْحَدُّ الثَّالِثُ مِنْهَا[12] یَنْتَهی إِلَی الْهَوَی الْمُرْدی.

وَ الْحَدُّ الرَّابِعُ مِنْهَا[13] یَنْتَهی إِلَی الشَّیْطَانِ الْمُغْوی، وَ فیهِ یُشْرَعُ بَابُ هذِهِ الدَّارُ.

إِشْتَری هذَا الْمُغْتَرُّ بِالأَمَلِ، مِنْ هذَا الْمُزْعَجِ بِالأَجَلِ، هذِهِ الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ،

وَ الدُّخُولِ فی ذُلِّ الطَّلَبِ وَ الضَّرَاعَةِ.

[صفحه 806]

فَمَا أَدْرَكَ هذَا الْمُشْتَری فیمَا اشْتَری مِنْهُ مِنْ دَرْكٍ فَعَلی مُبَلْبِلِ[14] أَجْسَامِ الْمُلُوكِ، وَ سَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ، وَ مُزیلِ مُلْكِ الْفَرَاعِنَةِ، مِثْلِ كِسْری وَ قَیْصَرَ، وَ تُبَّعٍ وَ حِمْیَرَ، وَ مَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَی الْمَالِ فَأَكْثَرَ، وَ مَنْ بَنی وَ شَیَّدَ، وَ زَخْرَفَ وَ نَجَّدَ، وَ ادَّخَرَ وَ اعْتَقَدَ، وَ نَظَرَ بِزَعْمِهِ لِلْوَلَدِ.

إِشْخَاصُهُمْ، وَ اللَّهِ[15]، جَمیعاً إِلی مَوْقِفِ الْعَرْضِ وَ الْحِسَابِ، وَ مَوْضِعِ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ، إِذَا وَقَعَ الأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَ خَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ[16].

شَهِدَ عَلی ذَلِكَ:

التَّوَانِی ابْنُ الْفَاقَةِ.

وَ الْغُرُورُ ابْنُ الأَمَلِ.

وَ الْحِرْصُ ابْنُ الرَّغْبَةِ.

وَ اللَّهْوُ ابْنُ اللَّعِبِ.

وَ مَنْ أَخْلَدَ إِلی مَحَلِّ الْثَوی، وَ مَالَ إِلَی الدُّنْیَا عَنِ الأُخْری[17].

[ وَ ] شَهِدَ عَلی ذَلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوی، وَ سَلِمَ مِنْ عَلاَئِقِ[18] الدُّنْیَا، وَ سَمِعَ مُنَادِیَ الزُّهْدِ یُنَادی فی عَرَصَاتِهَا:


مَا أَبْیَنَ الْحَقَّ لِذی عَیْنَیْنِ
إِنَّ الرَّحیلَ أَحَدُ الْیَوْمَیْنِ


تَزَوَّدُوا مِنْ صَالِحِ الأَعْمَالِ، وَ قَرِّبُوا الآمَالَ بِالآجَالِ، فَقَدْ دَنَا الرِّحْلَةُ وَ الزَّوَالُ[19].

[صفحه 807]


صفحه 805، 806، 807.








    1. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 1 ص 602.
    2. عن بیتك. ورد فی هامش نسخة ابن المؤدب ص 230. و نسخة نصیری ص 152.
    3. ورد فی دستور معالم الحكم ص 135. و تذكرة الخواص ص 138. و نهج السعادة ج 1 ص 602.
    4. مالكها. ورد فی.
    5. حلّ لك. ورد فی نسخة ابن المؤدب ص 230. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 273. و نسخة العطاردی ص 310 عن نسخة موجودة فی مكتبة جامعة علیكره، و عن نسخة مكتبة ممتاز العلماء فی لكنهور. و ورد حلّه فی نهج السعادة ج 1 ص 603.
    6. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 1 ص 603.
    7. بدرهم فما فوق. ورد فی نسخة العام 400 ص 327. و نسخة ابن أبی المحاسن ص 273. و نسخة عبده ص 519.

      و نسخة الصالح ص 365. و نسخة العطاردی ص 310 عن شرح فیض الإسلام.

    8. ورد فی دستور معالم الحكم ص 136. و تذكرة الخواص ص 138. و نهج السعادة ج 1 ص 603. باختلاف یسیر.
    9. فی. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 1 ص 603.
    10. ورد فی المصدر السابق.
    11. ورد فی المصدر السابق.
    12. ورد فی المصدر السابق.
    13. ورد فی المصدر السابق.
    14. مبلی. ورد فی نهج السعادة للمحمودی ج 1 ص 605.
    15. ورد فی تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزی ص 139.
    16. غافر، 78.
    17. ورد فی تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزی ص 139.
    18. و نظر بعین الزّوال إلی أهل الدّنیا. ورد فی مصادر نهج البلاغة للخطیب ج 3 ص 200 عن الأربعین للبهائی.
    19. ورد فی المصدر السابق. و دستور معالم الحكم للقضاعی ص 137. و نهج السعادة للمحمودی ج 1 ص 605.